أخر الاخبار

03‏/06‏/2013

مصابيح انذار لاردوغان


هل اتانا مصير ستمئة شجرة في مركز اسطنبول في نهاية الاسبوع بـ ‘ربيع تركي’؟ وهل سيصبح ميدان تقسيم بالنسبة للاتراك كما كان ميدان التحرير بالنسبة للمصريين؟ من السابق لاوانه جدا أن نعلم، واحتمال الجواب بـ’لا’ كبير. لكن اردوغان المنتشي بالفوز في ثلاث معارك انتخابية (الفعل 2 والفعل 7 والفعل 11) تلقى ـ في اقصى اعمال شغب منذ اصبح رئيس وزراء ـ ضربة جدية.
ان الاحتجاج الكبير الذي شاركت فيه كل التيارات الايديولوجية في الدولة تقريبا، امتد الى انقرة وازمير وانطاليا، واصبح مصباح انذار لاردوغان. ليس واضحا هل سينقذ الاف المتظاهرين الاشجار في متنزه غازي (وهو المتنزه الرئيس في اسطنبول) من القطع. لكنهم أعطوا اردوغان درسا في حدود القوة. ان حلمه في أن يصبح في 2014 رئيسا بعد اصلاح دستوري تتحول فيه تركيا الى نظام رئاسي، لم يعد فجأة يبدو محققا كما كان قبل يوم الجمعة.
يا للمفارقة، ان يقوم اردوغان نفسه، الذي أعطى الزعماء العرب دروسا في الاخلاق وقت الربيع العربي، باعطاء قواته الامنية الاوامر بأن تستعمل القوة لتفريق المظاهرات بصورة مبالغ فيها. وهو نفس اردوغان الذي اوصى في 2011 صديقه بشار الاسد ان يستعمل اللطف مع المتظاهرين. وقد رحم وزير الاعلام السوري عمران الزعبي، وهو ‘صديق’ آخر في منطقتنا، الشعب التركي الذي لا يستحق ‘بربرية’ اردوغان، كما قال.
وهو نفس اردوغان ايضا الذي أوصى الرئيس المصري محمد مرسي بفصل الدين عن الدولة، لكنه في تركيا أمضى في الاسبوع الماضي قانونا جديدا يحد من بيع الخمور، في خطوة اخرى يفترض أن تغير وجه تركيا وان تنسي منزلة العاصمة في تركيا الكمالية. تتجاهل تركيا اردوغان تماما رغبات جزء كبير من السكان: فقد حدث في تركيا مع قانون الخمور في غضون ايام عدة احداث محيرة اخرى، مثل دعوة رئيس بلدية أنقرة سكان مدينته ‘الى لزوم سلوك يناسب القيم الاخلاقية’، وحكم محكمة تركيا على مثقف ارمني (بثلاث عشرة سنة سجن بسبب المس بالنبي محمد). كل ذلك لا يسهم في تعزيز صورة تركيا الديمقراطية. ويشير القضاء على الجيش حامي الديمقراطية وتقوية الشرطة على عهد اردوغان الى اتجاه واضح نحو الاسلمة.
ان المشروع الفخم لرئيس بلدية اسطنبول (صديق اردوغان الكبير) في موقع متنزه غازي الذي هو رئة المدينة الكبيرة، التي يعيش فيها سبعة عشر مليون ساكن، كان سببا جيدا لخروج سكان اسطنبول الى الشوارع. فقد تحول الحفاظ على البيئة الى قاسم مشترك بين عشرات الاف الاتراك. وقد نشأت مشكلة اردوغان حينما حلت محل هتافات ‘انقذوا الاشجار’ هتافات ‘استقل يا اردوغان’.
تحدث اردوغان امس في خطبته عن أن تركيا ديمقراطية (اثبتت وسائل الاعلام المحلية التي تجاهلة الاضطرابات عكس ذلك في الحقيقة)، ومن ثم فهو لا يقبل استبداد الاقلية. بيد أن الاقلية في تركيا وهي 49 في المئة اثبتت انها تعرف كيف تصرخ، وانها لا تخشى استبداد الاكثرية، بل استبداد اردوغان. ونقول بالمناسبة ان سكان اسطنبول اثبتوا للعالم ايضا ان النماء الاقتصادي في مدينتهم ليس كل شيء. المال بغير الحرية لا يكفي.
ان تركيا المستقرة شديدة الاهمية في المنطقة، ولا سيما في هذه الايام المجنونة. ولا ينقص واشنطن التي تراهن على ورقة اللعبة التركية في سورية الا هذا. سيعرض خامنئي نفسه في هذا الايقاع على أنه البالغ صاحب المسؤولية. ونقول ان اردوغان لم يطلب مغفرة شعبه حتى كتابة هذه السطور.

بوعز بسموت
اسرائيل اليوم /6/2013









مواضيع مشابهة :

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

جميع الحقوق محفوظة ©2013