«تركيا تشرب من كأس الإخوان».. تقارير عن قيام الجماعات المسلحة بعمليات تفجيرية في 10 ولايات تركية.. سيناريو مرعب ينتظر «أنقرة».. والسلطات التركية تشدد الرقابة على الحدود لمنع تسلل الإرهابيين من سوريا
رسمت
تصريحات الرئيس التركي عبد الله جول، حول قلقه من تقدم مجموعات جهادية تعمل
بسوريا إلى مناطق قريبة من حدود بلاده، صورة قاتمة لسيناريوهات مرعبة
تنتظرها أنقرة، بسبب تفاعلات الأزمة السورية التي تعتبر أحد اللاعبين
الرئيسيين فيها منذ بدء الحراك الشعبي السلمي ضد نظام بشار الأسد في مارس
2011، وحتى تحول الأمور إلى نزاع مسلح أسفر عن مقتل أكثر من 100 ألف شخص
ونزوح الملايين.
ولعل
ما يزيد الأمر خطورة هو ما أكده جول للصحفيين في نيويورك، حيث يحضر
الجمعية العامة للأمم المتحدة حول تسلل "إرهابيين" إلى الأراضي التركية،
وأن بلاده "لا يمكن أن تمنع هذا التسلل رغم كل الإجراءات والاحتياطات التي
شملت نشر مدافع ودبابات، على الحدود مع سوريا.
وتشير
التقارير إلى أن المجموعات المتطرفة تشكل مصدر قلق كبير لأمن تركيا
القومى، وأن هناك تحذيرات لكل السلطات المختصة في تركيا حيال مسألة الأمن
الحيوي، خاصة في ظل صعوبة المهمة التركية لمنع تسلل الإرهابيين، بسبب
الحدود البالغ طولها 910 كم مع سوريا.
وتأتى
تلك التصريحات بعد أيام قليلة من سيطرة مقاتلى "الدولة الإسلامية في
العراق والشام"، على مدينة "أعزاز" في محافظة حلب شمالي سوريا بالقرب من
الحدود التركية، بعد اندلاع قتال مع وحدات من الجيش السوري الحر الذي خسر
خمسة من جنوده في القتال.
وكانت
السلطات الأمنية في تركيا قد اتخذت عدة إجراءات مكثفة لإحكام السيطرة على
المعابر الحدودية لتفادي تسلل السيارات المفخخة من الأراضي السورية، بعد أن
تلقت معلومات استخباراتية تفيد بوجود بعض المخططات الرامية لتنفيذ هجمات
إرهابية، على غرار الهجوم الذي شهدته ولاية "هاتاي" الحدودية قبل عدة أشهر،
وأسفر عن مصرع أكثر من 50 شخصًا، وذلك في عشر ولايات مختلفة، منها أنقرة،
وإسطنبول، وأضنة، وهاتاي.
وتؤشر
تلك الإجراءات إلى طبيعة المخاوف التي باتت تعصف بالأتراك من انتقال لهيب
الإرهاب إلى بلادهم، وأن ينالوا نصيب الأسد من كأس العنف الذي أشارت أصابع
الاتهام إلى حكومتهم في كثير من الأوقات بدعمه، حيث تتصاعد المخاوف من عبور
سيارات مفخخة جاهزة للتفجير، على أساس أن السيارة المفخخة التي انفجرت
بالقرب من معبر "باب الهوى" السوري على بعد 5ر3 كم من الأراضي التركية قبل
أشهر كانت في الأساس ترمي إلى عبور الحدود والانفجار داخل الأراضي التركية.
وعلى
الرغم من نفى تركيا تورطها في دعم مجموعات إسلامية متشددة تقاتل في سوريا
ومرتبطة بتنظيم القاعدة، إلا أن اتهامات دمشق لأنقرة لا تتوقف حول دعمها
لتلك التنظيمات التي تطيل من أمد الأزمة السورية وتزيدها اشتعالا.
وتشير
تقارير صحفية وتسريبات استخبارية أن عشرات الآلاف من الأجانب يقاتلون إلى
جانب المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية، بينهم أوربيون، وأن تدفق
الأجانب ازداد بشكل ملحوظ خاصة مع إعلان " جبهة النصرة " بيعتها لتنظيم
القاعدة.
وتؤكد
تلك التقارير أن تواجد هذا العدد الكبير من “الجهاديين” في سوريا يشكل
التحدي الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة وغيرها من الدول التي قررت تسليح
المجموعات المسلحة، كما أنه يزيد من تعقيد الأمور إذا ما أرادت القوى
الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ خارطة طريق لإنهاء
النزاع في سوريا.
ويبدو
أن تركيا التي باتت الآن ترتعد قلقا من انتقال دفة الإرهاب إليها وانقلاب
السحر على الساحر، غير بعيدة عن الإدانة بسبب تورطها مع عدة دول أخرى في
دعم الإرهابيين بالمال والسلاح والتدريب وتهريبهم إلى سوريا.
وتؤكد
التقارير أن معظم عمليات نقل هؤلاء "المرتزقة" المتشددين تمر عبر تركيا
التي تحتضن مجموعات من هؤلاء الإرهابيين وتقيم معسكرات تدريب وإيواء لهم،
ومن ثم يتم إرسالهم إلى سورية للانضمام إلى جانب المجموعات الإرهابية
المسلحة التي تمارس أعمال القتل والخطف والتخريب.
وكشفت
وسائل إعلام عربية وغربية تورط بعض الدول بالأزمة عن طريق دعم المجموعات
المسلحة أو إرسال مرتزقة للقتال هناك وهذا ما أكده موقع " فلاستني هلافو"
الالكتروني التشيكي، الذي قال إن هناك حربًا غير معلنة تنفذ ضد سوريا من
قبل الدول التي ترسل الإرهابيين وتمول المرتزقة وتدربهم وترسلهم إلى القتال
فيها، وأن هناك أكثر من 40 ألف أجنبي يقاتلون إلى جانب المجموعات المسلحة
في سوريا.
وكان
معهد "دراسات الحرب" الأمريكي قد أصدر مؤخرا، تقريرا يقع في 60 صفحة، أوضح
فيه أن ثلاثة وثلاثين مجموعة مسلحة تشارك في الحراك السوري، وأن هذه
المعارضة "منظمة وقادرة، حتى ولو كانت غير موحّدة"، ولا بديل عسكريًا يمكن
تحديده والتواصل معه غيرها.
وتعمل
المجموعات المسلحة التي يتبع بعضها تنظيم "الإخوان" في سوريا، بينما يتبع
الآخرون تنظيم القاعدة، من خلال الدعم الخارجي سواء بالمال أو السلاح، وهو
ما يجعلها قادرة على مواجهة الآلة العسكرية الرسمية، ومنها كتيبة "ابابيل"
بقيادة الكابتن عمار الواوي، وكتيبة "حرية" بقيادة النقيب إبراهيم منير
مجمور وتنشطان في حلب.
فيما
تشهد محافظة إدلب نشاطا ملحوظا لكتيبة "هرموش" التي تنشط في جبل الزاوية
وكتيبة "حمزة" التي تنشط في مدينة ادلب وضواحيها، وكتيبة "أبو بكر الصديق"
التي لا يعرف من يقودها، ومجموعة "درر بن الأزو" التي تنشط في سرمين،
وكتيبة "معاوية" التي تنشط في سراقب، فيما تنشط كتيبة "أبو الفداء"، غير
معروفة القيادة خارج حماه وجنوبي إدلب.
وفى
محافظة حمص ينشط لواء "خالد بن الوليد" بقيادة المقدم عبد الرحمن الشيخ،
وهي المجموعة المسلحة الأكبر في المعارضة وأكثرها فاعلية، وكتيبة "الفاروق"
بقيادة الملازم عبد الرزاق طلاس، وكتائب "فادي القاسم" و"محمد طلاس"
و"حمزة" و"على بن ابي طالب" وكتيبة العمليات الخاصة.
أما
في درعا فان هناك كتائب أخرى مثل كتيبة "العمري" بقيادة النقيب قيس
الكتانة، وكتائب "الناصر صلاح الدين" و"أحمد خلف" و"شهداء الحرية" ومجموعة
"رائد المصري".
وليس
ثمة شك في أن دعم تركيا للمجموعات الإسلامية المتشددة، قد وضع البلاد في
مهب الريح أمام نيران تلك المجموعات التي لن تكتفى بالمشاركة في النزاع
السوري، وإنما هي كعادتها دائما تتنقل من منطقة إلى أخرى في بقاع الدنيا،
لنشر فكرها الدموي.
ولعل
ما يزيد الدهشة حول المواقف التركية من دعم مجموعات متشددة سواء في سوريا
أو غيرها من مناطق النزاعات، هو ما تدافع به تركيا عن نفسها دائما بأنها
دولة تسعى إلى تحقيق الرفاه لشعبها ودعم علاقاتها الإقليمية والدولية، وهو
ما دفع بها إلى واجهة المشهد السياسي كوسيط محترم في كثير من النزاعات، إلا
أن مواقف حكومة رجب طيب أردوغان الأخيرة من تطورات الأوضاع في عدة مناطق،
باتت مثار جدل وتساؤلات حول طبيعة التوجهات التركية، تلك الدولة التي كانت
تسعى بقوة للانضمام إلى الاتحاد الأوربي مستندة إلى ما حققته من نسب نمو
مرتفعة، وهو ما قذف بتلك الدولة التي كانت تعتبر نموذجا يحتذى في وقت من
الأوقات، إلى غياهب أنفاق الشك التي أفقدتها الكثير من الحلفاء والمحبين.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.