انطلقت مبكراً في مصر معركة الإنتخابات الرئاسية التي يتوّقع أن تجرى
مطلع العام المقبل، مع تصاعد أسهم وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي كمرشح
محتمل وتواري أسماء سياسية لامعة عن المشهد.
وأسهم تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية على ما يبدو في ارتفاع شعبية
السيسي الذي استطاع أن يضع نفسه في صورة الرجل القويّ الذي أنقذ البلاد من
حكم جماعة «الإخوان المسلمين».
وفي حين التزمت المؤسسة العسكرية الصمت تجاه حملات شعبية تحضّ قائد
الجيش على الترشح للرئاسة، رهن مصدر قريب من السيسي إمكان ترشحه بتوافر
«إرادة شعبية عارمة».
في المقابل، يبدي الجيش إصراراً على وضع نصّ في الدستور الجديد يحتمّ
موافقة المجلس العسكري على إسم وزير الدفاع، ما يظهر أن المؤسسة العسكرية
تسعى إلى تحصين نفسها في مواجهة أيّ رئيس يأتي من خارجها. وقال مسؤول عسكري
لـلصحيفة إن «الهدف من هذه المادة إبعاد الجيش عن التجاذبات السياسية،
وحتى يصبح قادة الجيش بمنأى عن الأهواء السياسية».
وبرزت شعبية السيسي عندما لبىّ ملايين دعوته إلى النزول في تظاهرات
لمنحه «تفويضاً لمحاربة الإرهاب» نهاية تموز/ يوليو الماضي. لكنه حرص على
أن يبقى بمنأى عن واجهة المعترك السياسي خلال المرحلة الانتقالية، كما أنه
لم يقطع بعدم ترشحه للرئاسة، معتبراً أن «حماية إرادة الناس أعزّ عندنا
وعندي شخصياً من شرف حكم مصر».
لكن تصريحات الرجل لم تنهِ الجدل في شأن مستقبله السياسي، فخرجت تظاهرات
خلال الأيام الماضية لتأييده في مواجهة تظاهرات أنصار «الإخوان»، وانتشرت
صوره على الشوارع والبيوت وواجهات المتاجر، كما استخدمت كوسيلة للدعاية
لمنتجات غذائية، فيما تسارع تدشين حملات لحضه على الترشح.
وأطلقت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المصريين إلى جمع
توكيلات تطالب السيسي بالترشح، وهو المسلك نفسه الذي اتخذته حملة تحت شعار
«كَمِّل جميلك» يرى مؤسسها القاضي السابق رفاعي نصر الله أن السيسي بات
«زعيماً شعبياً افتقدته مصر منذ رحيل الرئيس السابق جمال عبد الناصر»، ما
تلقفه مصدر قريب من السيسي أكد أن المستقبل السياسي لقائد الجيش «مرهون
بالإرادة الشعبية... الشعب المصري يقدر جيشه، وحبه للسيسي بمثابة عاطفة،
ليس لأحد سلطان عليها، فهو من يقرر اختيار رئيسه».
وأشار إلى أن «الشعب هو الذي فرض نفسه وموقفه على السيسي ودفعه إلى
التدخل بعد ثورة 30 حزيران/يونيو، وبالتالي يمكن أن يكرر الشعب الأمر في
حال إصراره على وجود السيسي على رأس الدولة». وقال إن «إرادة المصريين هي
التي تحدث التغيرات وتفرض الحسابات». لكنه أكد أن «هذا الجدل لا يشغل
السيسي على الإطلاق، وإنما ما يشغله حالياً تحقيق الأمن».
وكانت فكرة ترشح السيسي للرئاسة لقيت استحسان شخصيات سياسية، بينها المرشحون السابقون للرئاسة عمرو موسى وحمدين صباحي وأحمد شفيق.
ويبدي حزب «النور» السلفيّ هو الآخر انفتاحاً على الفكرة، بحسب رئيسه
يونس مخيون الذي أكدّ في تصريحات أن «الحزب لا يمانع ترشح أي مسؤول عسكري
سابق... لكن دعم المنتمين إلى نظام (الرئيس المخلوع حسني) مبارك مرفوض
تماماً».
وأوضح: «لنا معايير في اختيار رئيس الجمهورية المقبل، وليس شرطاً أن
يكون من أبناء التيار الإسلامي، فمصر مليئة بالكفاءات الوطنية المخلصة التي
لا تعادي المشروع الإسلامي، ونحن نحتاج شخصية لا تنتمي إلى التيار
الإسلامي، ومتدينة تدين الشعب المصري».
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.