أخر الاخبار

03‏/06‏/2013

بيرس وعباس وكيري ‘واقع واحلام’



شاركت في الاسبوع الماضي في ‘الخروج من الجمود’، وهو اجتماع عقد في الاردن برعاية المنتدى الاقتصادي العالمي . وقد شارك في الاجتماع نحو من ثلاثمئة رائدٍ في الصناعة والتجارة من الاسرائيليين والفلسطينيين، يمثلون معا اكثر من 25 في المئة من الانتاج الوطني الخام في اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وقد تم الاجتماع بالمبادرة من رب الهايتك الاسرائيلي يوسي فاردي، وبدعم من صديقه الفلسطيني منيب المصري، رئيس شركة النفط والغاز الضخمة ‘فيديكو’. ولم يكن الهدف المعلن النبش في الماضي أو اقتراح شروط محددة ما، بل استعمال الضغط على الساسة كي يتحركوا قدما نحو حل الدولتين.
كانت تجربة التعرف الى فلسطينيين ـ يعرضون حماسة حقيقية لتطوير علاقات صداقة لاسرائيل، وهم شديدو الحرص على انهاء المواجهة ـ مغنية جدا. لكن التعبيرات عن الارادة الطيبة والطموح الى حياة سلام، مما عرض في المؤتمر، بعيدة بعدا هائلا عن الواقع على الارض. فقد امتنع المنظمون الاسرائيليون من أي نقاش انتقادي للسلوك الفلسطيني في الماضي، ومن دفع الدعاية الاسرائيلية قدما.
لكن حينما خطب رئيس السلطة عباس في الجمع بدأ بهجوم شديد مسموم، مع القاء كامل التهم بالطريق المسدود على اسرائيل. وكانت عنده كذلك وقاحة انكار ان ادارته تشتغل بأي تحريض. وقد طلب الافراج عن السجناء وتطرق الى مبادرة السلام السعودية، في سياق خطوط وقف اطلاق النار في 1949، وكذلك عرض حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، الذي يعلم أنه لن توافق عليه أية حكومة اسرائيلية ابدا.
واصر عباس على انه اذا لم تقبل اسرائيل كل مطالبه فلن يوجد أي تقدم في المسيرة، ورفض بشدة حدودا مؤقتة أو اتفاقات مرحلية او مبادرات للدفع قدما بظروف عيش الفلسطينيين قبل التسوية.
وبعد خطبة عباس التأبينية من الفور، توجه اليه الرئيس بيرس بصورة حميمة وسماه ‘صديقي العزيز′ ورجل السلام والشريك الحقيقي في السلام، والح عليه أن يعود الى طاولة التفاوض. وكشف وزير الخارجية الامريكي جون كيري خطة اقتصادية كبيرة ينفق القطاع الخاص في اطارها اربعة مليارات دولار على الاقتصاد الفلسطيني وبذلك يزيد الانتاج الوطني الخام باكثر من 50 في المئة وتنخفض البطالة من 21 في المئة الى 8 في المئة. وترتفع الاجور بنسبة 40 في المئة وتتضاعف السياحة ثلاثة اضعاف. ولم يجهد نفسه في بيان كيف ستنفذ هذه المعجزة الاقتصادية. بعد ذلك أعلن الفلسطينيون عن ‘رشوة’ كيري، لن تغريهم بالمهادنة على أهدافهم. وقد لخصت صيغة كيري على نحو تمثيلي الهرب من الواقع الموهم بالاجتماع.
حينما يتكلم عباس بغضب ولا يتخلى عن شيء، يزعم اسرائيليون كثيرون بسذاجة ان ذلك يرمي الى احتياجات داخلية، ويصرون على أنه شريك حقيقي سيقدم السلعة.
لم يتطرق المشاركون في الاجتماع ولو مرة واحدة الى حماس المنظمة الارهابية القاتلة، التي عادت واعلنت نيتها محو اسرائيل عن الخريطة، والتي يعلن عباس مرة بعد اخرى انه ينوي الاتحاد معها. وامتنع كذلك عن ذكر التدهور الاقليمي نحو الاعمال البربرية في سورية، او تزايد قوة جماعات اسلامية متطرفة كالاخوان المسلمين. وفي محيط كهذا، يجب على قادة اعمالنا ان يسألوا انفسهم هل يريدون الرهان على حياة الاولاد بالاعتماد على قيادة فلسطينية فاسدة ومعادية للسامية.
لكن ليس في ذلك ما ينتقص من الثناء الذي يستحقه يوسي فاردي وفريقه لانهم بذلوا جهدهم ومواردهم من أجل هذه المبادرة. ففي هذا المحيط الصعب خاصة يزيد التعرف الى فلسطينيين وديين، تصميمنا على عدم التخلي عن مثال حل الدولتين. رغم كل التباحث في المسألة السكانية، فان ضم الاراضي المتنازع عليه سيفضي الى استيعاب جموع من العرب ليكونوا مواطني اسرائيل. وفضلا عن أن ذلك سيفضي الى توتر لا يطاق فهو قد يجعل اسرائيل دولة ذات قوميتين.
علينا رغم العوائق ان نحافظ على التزامنا بحل الدولتين وان ننتظر ظهور قادة فلسطينيين جدد يحترمون مطالبنا الامنية ويريدون التعايش.
لكن لا يحل لرئيس الدولة ان يندد او يتهم بالسخرية اولئك الذين يرفضون ترديد شعاراته السلمية المقطوعة عن الواقع. فما ان يعرض عباس وشركاؤه استعدادا للمشاركة المتبادلة والمصالحة الحقيقية فستبقى الحقيقة أنهم ليسوا شركاء في السلام. وسنوهم انفسنا بصورة خطرة اذا وثقنا بهم.

اسرائيل اليوم 2/6/2013









مواضيع مشابهة :

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

جميع الحقوق محفوظة ©2013